لا ينفك أعضاء المجلس الجماعي لمدينة طنجة يشتكون من الأزمة المالية التي يرجعونها بالأساس إلى تطبيق الأحكام القضائية الصادرة في حقّها منذ شروع حزب العدالة والتنمية في تسيير المجلس، بعد فوزه بالانتخابات الجماعية.
أزمةٌ يعتبر نشطاء وجمعويون بمدينة طنجة أنها تطل برأسها حيناً وتختفي حيناً آخر، تبعاً لما يراه أعضاء المجلس “مهمّا” ولما يرونه يستحقّ أن تُشهر في وجهه ورقة الأزمة.
ويخشى متابعون للشأن المحلي أن تستمر حجّة الأزمة هاته طويلا، بحيث تصبح ذريعة كلّما اتهم المجلس بالتقصير في إنجاز مشروع ما، أو دعم هذه الجهة أو تلك، بما يعود على المدينة عامّةً بالنفع.
فؤاد العماري، المستشار الجماعي المنتمي إلى حزب الأصالة والمعاصرة، أقرّ، خلال ندوة نظمها التكتل الجمعوي بطنجة الكبرى، منذ أيّام، بوجود تراكمات للمجالس المنتخبة منذ سنوات الستينيات “أدت إلى تعطل مسار التنمية بالمدينة، بسبب عشوائية التدبير بحكم الصراعات السياسية وغياب أي رؤية لتحقيق التنمية المستدامة”.
وأضاف المتحدث أن تنفيذ الأحكام القضائية على جماعة طنجة، التي فاق مجموعها 50 مليار سنتيم، وبسرعة غير معهودة، ودون اتخاذ نفس الإجراء في المدن الأخرى، “يثير غموضا حول أسبابه ومبرراته”.
من جهته، اعتبر عدنان المعز، جمعوي متابع للشأن المحلي، أن مدينة طنجة عرفت منذ سنة 2005 طفرة على مستوى البنيات همت القطاعات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية؛ وهو ما وسع فعلا التكاليف المالية في إنجاز المرافق والطرق وصيانتها”.
وبلغة الأرقام أوضح المعزّ، الذي يشغل منصب رئيس مركز ابن بطوطة للدراسات وأبحاث التنمية المحلية، أن مدينة طنجة، اليوم، تحتاج أكثر من 120 مليار سنتيم من أجل تدبير مستدام، “بينما ميزانية المدينة لا تتعدى 70 مليار سنتيم في أحسن الأحوال، حسب مشروع ميزانية السنة الحالية”.
وكمثال على ذلك، يضيف المعزّ، “فإن المبالغ المخصصة للنظافة – مثلا – انتقلت في السنوات الخمس الأخيرة من 10 مليارات سنتيم إلى حوالي 20 مليار سنتيم، بينما وصلت فاتورة الإنارة حوالي 8 مليارات سنتيم، إضافة إلى الاقتطاعات من الأموال المحولة من القيمة المضافة من الدولة بمبالغ مالية بسبب الحجوزات المالية نتيجة الأحكام القضائية”.
أمام هذا الوضع، يرى المتحدث أنه كان جديرا بجماعة طنجة الاهتمام بأولى الأولويات، “أي الاهتمام بالبرامج والمشاريع التي تضمن بناء الإنسان الصالح والمصلح لمدينته، بدل الاهتمام بسقي المساحات الخضراء بالماء الصالح للشرب، والذي ارتفعت معه الفاتورة إلى 3 مليارات، وبمعدل 100% من حجم النمو في سنة واحدة”.
مبالغُ يعتبر عدنان المعزّ أنه كان من الممكن أن تستثمر في دعم الحياة الجمعوية ودعم البنيات الثقافية والاجتماعية والمساهمة في صيانة البنيات الصحية والتعليمية والتي تبقى مطلبا أساسيا للساكنة “بدل ضياع أموال طائلة في أعمدة إنارة للزينة فقط، مما رفع فاتورة الإنارة إلى أكثر من 8 مليارات”.
وختم عدنان حديثه لهسبريس قائلا إن جماعة طنجة اليوم “ملزمة بتخفيض نفقاتها، بتبني سياسات النجاعة الطاقية والتوجه في أقرب الآجال إلى تحويل السقي من المياه الصالحة للشرب إلى مياه الصرف الصحي المعالجة، ووضع مخطط يحدد أولى أولويات الصرف مع تحقيق نجاعة أكبر”.