دهب
مطعم نرجس
Morocco travel
المركز الدولي للأشعة بطنجة

27 أبريل 1958: يوم جدد المغرب دعمه للجزائريين في مؤتمر طنجة

قناة طنجة الكبرى | كشك – حسن عصيد 

يظل مؤتمر طنجة المنعقد بين قيادات حزبية مغربية وجزائرية، يوم 27 أبريل 1958، محطة بارزة  في تاريخ الثورة الجزائرية من جهة، وفي مشروع  وحدة “المغرب الكبير” الذي ووجه منذ ذلك الحين إلى يومنا هذا بعدد لا يُحصى من العثرات.  هذا اللقاء الذي أقرت فيه الأحزاب المغاربية الكبرى خطة مشتركة  للتضامن مع الجزائر بغرض الحصول على استقلالها، حيث  تساندت الحركات الوطنية وتضامنت لمواجهة القوة الاستعمارية الفرنسية، التي رغم كونها منحت الحرية للمغرب وتونس سنة 1956، فقد أبت الجلاء عن الجزائر، أدخلت البلدين في نزاعٍ دام 7 سنين، مسفراً عن مصرع مليون جزائري.

دعم لامحدود

قُبيل سنة 1958، كانت الاعتداءات الفرنسية على التراب التونسي والمغرب قد تجاوزت كل الحدود، بحيث أضحت أحداث قصف الجيش الفرنسي لقرية “ساقية سيدي يوسف” وإيقاع العشرات من الضحايا إحدى فصولها الحاسمة، كان الهدف منها إرهاب التونسيين والمغاربة  الذين لم يتوانوا عن تقديم الدعم المادي واللوجستي للثورة بالجزائر، وتمهيد إقامة حدود طويلة من الأسلاك الشائكة لتهجير سكان الحدود. هذا التهجير القسري كان محل تنديد وإدانة شعبية ودولية واسعة، في حين اعتبره العسكر الفرنسيون بالجزائر الحل الأمثل لإيصاد الأبواب في وجه المساعدات التونسية والمغربية، ومنع فرار قادة الثورة الجزائرية إلى المغرب.

مؤتمر في طنجة

يوم 27 أبريل 1958 اجتمعت وفود الأحزاب المغاربية الثلاثة (حزب الاستقلال المغربي، الحزب الدستوري الحر التونسي و جبهة التحرير الجزائرية ) بمدينة طنجة، لتتدارس  قضايا  استكمال تحرير دول المغرب الكبير، ومُركزة على حتمية التضامن مع الجزائر في كفاحها من أجل استقلالها في جلسات المؤتمر الذي أسمي “مؤتمر الوحدة، والذي عكس جدول أعماله محاور اهتمام القيادات المغاربية، إذ حدد المؤتمرون عدة محاور حظيت بالأولوية: تصفية قواعد الاستعمار بالدول المغاربية، وحدة الدول المغاربية عبر التأسيس لشكلها وقواعدها والمرحلة الانتقالية إليها ثم إنشاء أمانة دائمة للمؤتمر من 6 أعضاء، عضوان عن كل طرف، على أن يكون لهذه الأمانة مكتبان، أحدهما بالرباط والآخر بتونس.

كل شيء لأجل الجزائر

دعم الثورة الجزائرية حظي باهتمام المؤتمرين بطنجة، حيث حظيت هذه المسألة بالنصيب الأوفر من المناقشات باعتبارها قضية حاسمة في مستقبل دول المنطقة، واستطاعت جبهة التحرير الوطني الجزائرية أن تكسب مواقف دعم ومساندة لكفاحها، ليُعلن المؤتمر- بعد تشريحه لطبيعة الحرب الاستعمارية – مبدأ “حق الشعب الجزائري المقدس في السيادة والاستقلال، كشرطٍ وحيدٍ لحل النزاع الفرنسي الجزائري”، موصيا بتكوين حكومة جزائرية بعد استشارة حكومتي المغرب وتونس، ورغم إثارة هذه النقطة لنقاشٍ مستفيضٍ بالمؤتمر، بدعوى التخوف من توجهات وشكل هذه الحكومة المقترحة، فقد ظلت  جبهة التحرير الوطني على إصرارها على قبول استشارة المغرب وتونس.

خرج مؤتمر طنجة بحزمة قرارات أزعجت فرنسا، وقبل استفحال الامر أقدم الزعيم “ديغول” على الإعلان أنّ “الإدماج” هو السياسة الرسمية لفرنسا في الجزائر، واستطاع بذلك كسب الرأي العام الفرنسي لفكرة أنّ “الجزائر فرنسية”، ومُحرزاً ولاء قواته المرابطة في الجزائر، وقاطعاً الطريق أمام  طموحات الدول المغاربية التي أحسّت أن مشروعها قد بدأ يؤول إلى الفشل، خصوصاً حين هدد بتوسيع رقعة الحرب الجزائرية إلى المغرب وتونس، موجهاً بذلك إلى بورقيبة والملك محمد الخامس رسالتين مختلفتين، الأولى توحي بوجود رغبة لديه في التفاهم والتعاون، والأخرى كانت لهجتها تنم عن التعالي والتشدد، والهدف من لهجة الرسالتين هو محو التقارب بين تونس والمغرب حتى لا تنسق سياستهما بشكل متشدد إزاء فرنسا في مستعمرتها الجزائر. هذا الفشل الذي لاحت نُذره بشكلٍ واضح في السنين التالية، خصوصاً حين اختلفت الأقطار الثلاثة على مفهوم “الاتحاد المغاربي”، والانقسامات والمشاكل التي اعترضت الأحزاب المغاربية الثلاث التي انشغلت بالهمّ الوطني قبل المناطقي، ثم دخول جبهة التحرير الوطني الجزائرية في خلافات حادة مع تونس التي خرقت مقررات طنجة ووقّعت اتفاقية “إيجلي” مع فرنسا، لتضمحل أحلام شعوب المنطقة في وعود المؤتمر، لاسيما حين طغى صوت المطامح القطرية على الشعارات الداعمة للوحدة والتآزر.

أضف تعليق