توصلت قناة طنجة الكبرى ببلاغ من مرصد حماية البيئة و المآثر التاريخية بطنجة، وهذا أهم ما جاء فيه :
في هاته الفترة التي يرأس فيها المغرب الدورة الحالية لمؤتمر الأطراف مع ما يستلزمه ذلك من إعطاء القدوة والنموذج في تدبير موارده الطبيعية و الحفاظ على بيئته بجميع مكوناتها، و في الوقت الذي استبشر فيه خيرا كل المواطنين و المواطنات باحداث المديرية العامة للأمن الوطني مصلحة مركزية وفرقا جهوية للبيئة حددت مهمتها في رصد و معاينة المخالفات البيئية المرتبكة و إجراء الأبحاث و التحريات اللازمة بشأنها، و تقديم مرتكبيها أمام السلطات القضائية المختصة تفعيلا للمقتضيات الدستورية الجديدة التي تنص على وجوب تعبئة كل الوسائل المتاحة لضمان استفادة المواطنين و المواطنات من العيش في بيئة سليمة و الحق في التنمية المستدامة ،و في نفس الوقت أيضا التي تجمع فيه الفعاليات المحلية على ضرورة الحفاظ على ما تبقى من غابات و مساحات خضراء بالمدينة مع ضرورة تثمين مآثر المدينة و معالمها التاريخية، تتوالى المعطيات و الوقائع المقلقة سواء على مستوى المآثر أو المناطق الخضراء بالمدينة.
فعلى مستوى المآثر التاريخية بطنجة، و بشكل يعاكس كليا المجهودات المبذولة لتصنيف المدينة كتراث عالمي لليونيسكو و ضدا على الجهود المبذولة لترتيب أبرز مآثرها خلال السنتين الأخيرتين وتنامي خطاب الالتزام بذلك لدى مختلف المصالح المتدخلة تستمر وضعية التدهور و الاندثار و المحاصرة لأهم معالم المدينة كبقايا مدينة كوطا و المدينة القديمة و فيلا هاريس و قصبة غيلان وغيرها من المواقع التي تصارع الزمن و البشر على حد سواء.
و في هذا السياق، نلفت الانتباه بشكل خاص إلى ما باتت عليه بناية دار النيابة التي التزمت الجماعة في وقت سابق بإعادة تأهيلها دون أن تباشر ذلك عمليا ، و نتابع كذلك و ببالغ القلق المعطيات المتعلقة بخصوص سحب مبلغ مالي من عائدات الدوق دي طوفارالتي سبق أن خصصها مجلس مدينة طنجة في فترة سابقة لترميم بلاصا طورو و تأهيلها -قد طالبنا باستمرار برمجته على أرض الواقع-،إلى أن فوجئنا بسحبه لتغطية مصاريف أخرى بمبرر الأوضاع المالية الغير عادية و الغير الطبيعية للجماعة.
و بالموازاة مع ذلك يستمر الاعتداء اليومي على موروث المدينة بتصرفات لا مسؤولة لبعض المالكين في تواطؤ خطير لبعض المسؤولين الذين لا يحركون ساكنا أمام هذه الانتهاكات المستمرة. و في هذا الصدد فان المرصد يعبر عن: –
1- تجديد المطالبة بفتح تحقيق عاجل و تحت إشراف السلطة القضائية للوقوف على المخالفات الخطيرة والمتكررة لمساطر التعمير المتصلة بالمباني التاريخية على مستوى المدينة القديمة و باقي المحاور التاريخية للمدينة كشارع اسبانيا والجيش الملكي و شارع فاس و غيرها.
2 – ضرورة الإنكباب العاجل على تأهيل بناية دار النيابة و تحويلها إلى متحف للذاكرة الديبلوماسية لمغرب ماقبل الحماية.
3- التعجيل بتنفيذ الالتزام بتأهيل بلاصا طورو كفضاء ثقافي و سياحي و ترفيهي يراعي خصوصية البناية و تفردها على المستوى الوطنى.
4 – ضرورة إعادة النظر في السياسة الانتقائية و الارتجالية الحالية لملف المآثر التاريخية و الوصول إلى برنامج شامل و متكامل و محدد المسؤوليات و مصاغ بشكل تشاركي يعيد الاعتبار لتاريخ المدينة و معالمها، و يمكنها من أجرأة المجهود المتصل بترتيبه كتراث عالمي لليونيسكو.
أما على مستوى المناطق الخضراء و الغابوية في المدينة، فالمرصد يجدد تأكيده على الخصاص الكبير الذي تعرفه المدينة بخصوص معدل المساحات الخضراء بالنسبة للفرد و بالتالي ملحاحية العمل على الرفع من هذا المعدل و توفير الإمكانيات المادية لذلك، كما يقف على الوضع الكارثي للغابات الصغرى داخل المجال الحضري و الإعتداءات اليومية على غابات المدينة بالقطع و البناء العشوائي و رمي الأزبال و الردمة و افتعال الحرائق.
و أمام هذا الوضع القاتم يجدد المرصد:
1- ادانته للصمت المطبق لبعض المسؤولين و تهرب بعضهم الآخر من المسؤولية بخصوص غابة دونابو و ما يكتنف مستقبلها من غموض و ضبابية في ظل غياب الإلتزام الواضح و القاطع بخصوص الحفاظ عليها.
2 – الدعوة إلى إعمال حق الشفعة و نزع الملكية و جعلها كليا في ملكية المندوبية السامية للمياه و الغابات لضمان حمايتها و الحفاظ عليها.
3 – تجديد المطالبة بالحفاظ على منتزه الفروسية كفضاء أخضر مفتوح للساكنة و إدانة أي محاولة للالتفاف على القانون و تصميم التهيئة الذي ينص على الموقع المذكور كفضاء أخضر.
4 – المطالبة بتفعيل القانون مراقبة و محاسبة و زجرا للإنتهاكات اليومية التي تتعرض لها غابات طنجة على مستوى الغابة الديبلوماسية و غابات مديونة و الهرارش و السلوقية و الرميلات و غيرها.
إن التزامات المغرب المهمة في مجال حماية البيئة والحفاظ عليها و كذا حماية الموروث الأثري الوطني، وكذا الشعارات المعبرة عنها على المستوى المحلي لا تنطبق مطلقا مع تسارع وثيرة الانتهاكات و الاعتداءات التي بات عرضة لها هذين المجالين ،حيث تظل نداءات و مطالب الساكنة و المجتمع المدني و وسائل الإعلام الوطنية والمحلية دون صدى بسبب غياب التفاعل الجدي و المسؤول و الناجز بهذا الخصوص.
إن مرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية بطنجة و هو يخلد الذكرى الخامسة لوقفة نداء السلوقية بتاريخ 14 مارس 2012، و باعتباره جزء من النسيج الجمعوي المحلي الذي يترافع من أجل الحق في بيئة سليمة و مآثر مصانة في مستوى التاريخ العريق للمدينة يدعو ساكنة المدينة و عموم الغيورين على بيئتها ومآثرها إلى اليقظة و الانتباه لما تتعرض له مآثر المدينة وبيئتها من انتهاكات مستمرة، كما يؤكد عزمه مواصلة الدفاع بكل الوسائل الشرعية والقانونية عن حق أبناء المدينة في بيئة سليمة و استعداده المستمر للمساهمة في كل ما من شأنه لتحقيق ذلك.