دهب
Morocco travel
المركز الدولي للأشعة بطنجة

كارثة بيئية تلاحق سكان طنجة


تدفق متواصل للمياه العادمة يحول أحياء إلى بؤر للتلوث والمعاناة وسط صمت رسمي

لازال مئات من سكان طنجة يعيشون على وقع كوارث بيئية حقيقية، بعدما تحولت منازلهم المحاذية لمجرى تتدفق فيه المياه العادمة بشكل متواصل إلى بؤرة لروائح كريهة تزكم الأنوف وتخنق الأنفاس، في مشهد يثير الاستغراب بمدينة تستعد لاحتضان تظاهرات رياضية عالمية يفترض أن تبرزها في صورة مشرقة أمام أنظار الزوار.

وتبرز ظاهرة مجاري المياه العادمة بعاصمة البوغاز بشكل “كارثي” بعدد من أحياء المدينة، خاصة بحي مسنانة، الذي يخترقه مجرى “واد اليهود”، ويحول حياة ساكنيه إلى جحيم لا يطاق، إذ لم تعد المعاناة تقتصر على الروائح فقط، بل تجاوزتها إلى غزو أسراب كثيفة من الحشرات والبعوض، التي تحولت إلى كابوس دائم يهدد صحة المواطنين ويصيب أطفالهم بأمراض معدية خطيرة، لاسيما بالقرب من تجزئة “النزهة”، التي يعيش سكانها وضعا خطيرا في ظل تجاهل السلطات المعنية، ما ضاعف شعورهم بالمهانة ودفعهم إلى الخروج للاحتجاج في أكثر من مناسبة.

وعبر عدد من السكان، عن غضبهم العارم وتنديدهم بما اعتبروه تجاهلا صارخا لمعاناتهم اليومية، مؤكدين أنهم يعيشون وسط ظروف مهينة لا تليق بالحياة الآدمية.

وأوضحوا أنهم طرقوا أبواب جميع الجهات المعنية، من سلطات محلية ومجلس جماعي وشركة التدبير المفوض “أمانديس”، لكن دون أي تجاوب فعلي يخفف من معاناتهم، مما زاد من إحساسهم بالإقصاء والتهميش، مشددين على أن صبرهم بدأ ينفد، وأن استمرار الوضع على حاله يشكل استخفافا بكرامتهم واعتداء على حقهم المشروع في بيئة نظيفة وآمنة.

وأكد نور الدين عيساوي، رئيس جمعية “الاتحاد للتنمية المستدامة” بتجزئة النزهة، أن ما يعيشه السكان اليوم هو مأساة حقيقية لا يمكن السكوت عنها، بسبب التدفق اليومي لكميات هائلة من المياه العادمة إلى مجرى “واد اليهود”، الذي يخترق عددا من التجزئات السكنية، ويتسبب في روائح كريهة وانتشار الأوبئة والأمراض المعدية، التي لا يمكن تجنبها إلا بتغطية الواد بشكل كامل لوضع حل نهائي لهذه الكارثة البيئية.

وقال عيساوي إن “أشغال تغطية الجزء الثاني للوادي إنجاز أثلج صدور الساكنة، إلا أن ذلك ليس كافيا لإنهاء معاناة السكان المتواصلة، في ظل عدم إلزام شركة “أمانديس” بإغلاق قناة المياه العادمة، التي تتدفق بشكل يومي داخل الوادي، وهو ما أكدناه في أكثر من مناسبة، عبر شكايات رسمية وجهت إلى مختلف الجهات المسؤولة معززة بمحاضر وصور تثبت الضرر”.

وانطلاقا من هذا الوقائع، تدخلت جمعيات مهتمة بالمجال البيئي بالمدينة، التي استنكرت الوضع الخطير الذي تعاني منه المنطقة، وتساءلت عن المشروع الذي يتحدث عن انتهاء مشكل التلوث الناتج عن قنوات الصرف الصحي بالمدينة، في ظل الوضع الخطير الذي يعيشه سكان هذه الأحياء، الذين لا زالوا ينتظرون حلا جذريا لمعاناتهم قبل أن يتفاقم الوضع إلى ما هو أسوأ.

وسبق لمرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية بطنجة، أن دق ناقوس الخطر إزاء تردي الوضعية البيئية بالمدينة ومحيطها، ورسم صورة قاتمة وصفها بـ “الوضعية الحرجة”، خاصة قطاع تطهير السائل، الذي لازال يشكل خطورة كبيرة على صحة وسلامة السكان، مبرزا أن كميات كبيرة من المياه العادمة يتم تصريفها بالأودية والمجاري المائية المؤدية إلى شواطئ المدينة، محملا كامل المسؤولية إلى الجهات مكلفة بالتدبير المفوض، بالإضافة إلى المجالس المنتخبة، التي يفتقد أعضاءها إلى الوعي البيئي، وتنعدم فيها لجان متخصصة في الحفاظ على البيئة، بحسب المرصد.

أمام هذا الوضع المأساوي وما حملته شهادات السكان وتصريحات ممثليهم والمهتمين بالشأن البيئي، يتضح أن معاناة سكان هذه المنطقة مع تدفق المياه العادمة ستظل رهينة الوعود المؤجلة وتجاهل الجهات المسؤولة لحق المواطنين في بيئة سليمة وآمنة، كما يكفلها لهم الدستور والقوانين الوطنية، إذ يبقى السؤال المطروح: هل تتحرك السلطات لوضع حد لهذا النزيف البيئي قبل أن تتفاقم الأضرار وتتحول الكارثة إلى وصمة عار في وجه مدينة تطمح إلى العالمية؟



Source link

أضف تعليق