دهب
Morocco travel
المركز الدولي للأشعة بطنجة

عطش في عز الصيف”.. أزمة الماء تحاصر مجموعة من المدن ووزارة بركة في صمت “غريب


في عزّ الصيف، ومع اشتداد موجات الحرارة التي تضرب البلاد، يجد آلاف المواطنين أنفسهم فجأة أمام أزمة عطش خانقة، وسط صمت رسمي يثير أكثر من علامة استفهام، انقطاعات متكررة ومفاجئة للماء الصالح للشرب تضرب مدناً وقرى دون سابق إنذار، كاشفة عن هشاشة منظومة تدبير الموارد المائية في بلاد تتباهى بمشاريعها الكبرى، بينما يعاني سكانها من أبسط حقوقهم، “قطرة ماء”.

في هذا السياق، تشهد عدد من المدن المغربية، منذ مطلع شهر يوليوز الجاري، انقطاعات متكررة ومفاجئة في الماء الصالح للشرب، ما خلف موجة استياء واسعة في صفوف المواطنين، خاصة مع تزامن الأزمة مع ارتفاع درجات الحرارة واعتماد الأسر على هذه المادة الحيوية.

المثير في الأمر هو الصمت الحكومي المطبق تجاه أزمة تمس الحياة اليومية للمواطنين، في وقت تتردد فيه أنباء عن احتمال توسع رقعة الانقطاعات لتشمل مناطق جديدة خلال الأيام المقبلة.

الأزمة شملت مدناً كبرى مثل تيفلت، بني ملال ونواحيها، بالإضافة إلى مناطق في الجنوب الشرقي. وفي هذا السياق، أوضح عز العرب حلمي، المستشار الجماعي عن حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي بجماعة تيفلت، في تصريح لموقع “الأول”، أن “الأزمة ليست وليدة هذا الشهر فقط، بل إن مدينة تيفلت شهدت انقطاعات متكررة منذ صيف العام الماضي، وتفاقمت هذا العام، حيث عانت بعض الأحياء من غياب الماء الصالح للشرب لأكثر من ثمانية أيام متواصلة”.

وأضاف حلمي أن “ما يزيد من تعقيد الوضع هو غياب التواصل من طرف السلطات المحلية والمجلس الجماعي للمدينة، فضلاً عن الشركة المفوض لها تدبير قطاع الماء، والتي كنا في فيدرالية اليسار الديمقراطي أول من عارض تفويت هذا القطاع الحيوي لها”.

وأشار حلمي إلى أن “الحرمان من هذه الخدمة الحيوية يطال أحياء بأكملها، مثل حي “الحي الجديد”، الذي يفتقر إلى التجهيزات الأساسية للربط بالماء، وتضطر ساكنته إلى الاحتجاج اليومي أمام المجلس البلدي، وهو ملف تبنيناه كمعارضة داخل المجلس”.

وشدّد المستشار الجماعي على أن “معركة الحق في الماء مستمرة لأنها تهم حقاً كونياً لا يمكن تصور حياة المواطنين بدونه”، مندداً بغياب التواصل لما فيه من مساس بكرامة سكان تيفلت.

كما أكد حلمي أن “الحزب قام بعدة مبادرات احتجاجية في هذا الإطار، من بينها تنظيم وقفات احتجاجية، والمشاركة في وقفات دعت لها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، مع استمرار الضغط والترافع من أجل ضمان الحق في الولوج إلى الماء الصالح للشرب”.

وفي بني ملال ونواحيها، أفادت مصادر محلية، أن عدداً من الأحياء تعاني من انقطاعات طويلة للماء تمتد لساعات دون سابق إنذار، ما أثر بشكل مباشر على الحياة اليومية للأسر، خاصة المسنين والمرضى والتلاميذ خلال فترات المراجعة الصيفية. كما سجلت شكايات من تأثر مرافق صحية وتجارية، وسط غياب أي تواصل رسمي من الجهات المكلفة بتدبير القطاع.

حنان رحاب، عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي، علقت على هذه الأزمة التي تضرب خدمة عمومية حيوية، قائلة: “لا يمكن إلا أن نعبر عن استيائنا من هذا الوضع، خاصة وأن المناطق المتضررة في تزايد مستمر، ولم يُسجل أي تقليص لنطاق الأزمة”.

وأضافت رحاب: “لا يمكن للحكومة أن تتملص من مسؤولياتها، فالمشكل ليس جديداً، بل كان من المفترض أن يُدرج ضمن أولوياتها بالنظر إلى تداعياته على الصحة العامة والأمن الاجتماعي، وتفاقم الهجرة الداخلية”.

وأشارت إلى أنه “رغم بعض الجهود المبذولة في السنتين الأخيرتين، كمشاريع تحلية المياه وربط الأحواض المائية، إلا أن وتيرة الإنجاز لم تتسارع إلا بعد التنبيهات الملكية، وكان آخرها في المجلس الوزاري الأخير الذي خصص للأمن المائي”.

وانتقدت رحاب أحزاب الحكومة، معتبرة أن “العديد من وزرائها ومسؤوليها سبق لهم تدبير قطاعات مرتبطة بالماء، ومع ذلك ما تزال المناطق التي تديرها هذه الأحزاب تعاني من الخصاص المائي”.

وشددت رحاب على أن “هذه التصريحات ليست تصفية حسابات سياسية، بل دعوة لتحمل المسؤولية وعدم الاحتماء بعذر الجفاف الذي أصبح معطى بنيوياً، أو التذرع بإرث الحكومات السابقة، خاصة وأن المسؤولين الحاليين كانوا جزءاً منها ودبروا قطاعات استراتيجية كالفلاحة، التجهيز، والطاقة”.

وفي المقابل، صرّح مصدر مطلع لموقع “الأول”، أن “الانقطاعات المتكررة للماء في هذه الفترة من السنة أمر اعتيادي، مع ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الطلب على الماء، وهي ليست مرتبطة بالحكومة الحالية فقط، بل تكررت في السنوات الماضية أيضاً”.

وتابع المصدر: “رغم التساقطات الأخيرة، لا يزال المغرب يعيش وضعية جفاف مقلقة، بالإضافة إلى عوامل الإجهاد المائي، ما دفع السلطات إلى اتخاذ عدة إجراءات، من بينها تزويد القرى والدواوير بالماء عبر صهاريج متنقلة”.

واعتبر ذات المصدر أن “الوضع يتطلب تضافر الجهود لتحسيس المواطنين بأهمية ترشيد استهلاك الماء، خاصة خلال فصل الصيف، مع ضرورة تكثيف التواصل مع الساكنة في المناطق المتضررة من الانقطاعات”.

ويُذكر أن المغرب يعيش منذ سنوات حالة إجهاد مائي متزايد، دفعت الحكومة إلى إطلاق مشاريع كبرى لتحلية مياه البحر وربط الأحواض المائية، غير أن عدداً من المدن ما تزال تعاني من تداعيات سوء توزيع وتدبير الموارد المائية على المستوى المحلي.

 



Source link

أضف تعليق