دهب
مطعم نرجس
Morocco travel
المركز الدولي للأشعة بطنجة

عبر جمعها بين الخبرة والسياسة.. زكية الدريوش تقود تحولا كبيرا في قطاع الصيد البحري


بفضل مسارها المهني الحافل داخل وزارة الفلاحة والصيد البحري، وبالخصوص إشرافها التقني والإداري على قطاع الصيد البحري لأزيد من عقد من الزمن بصفتها كاتبة عامة، استطاعت الوزيرة زكية الدريوش أن تنتقل بسلاسة من موقع الإدارة إلى موقع القرار السياسي، دون انقطاع في الرؤية أو تباطؤ في التنفيذ.

فقد راكمت الوزيرة زكية الدريوش خبرة نوعية في ملفات معقدة واستراتيجية، وواكبت عن قرب تنزيل عدد من الإصلاحات الهيكلية، مما جعلها الأجدر بقيادة القطاع في هذه المرحلة المفصلية.

خبرة متجذرة ورؤية مستدامة

زكية الدريوش لم تكن وزيرة غريبة على القطاع، بل كانت من مهندسي استراتيجية “أليوتيس”، التي أطلقها الملك محمد السادس سنة 2009، والتي شكلت نقطة تحول في تاريخ الصيد البحري المغربي. وتهدف هذه الاستراتيجية إلى جعل القطاع أكثر تنافسية واستدامة من خلال تطوير البنية التحتية، تنويع الإنتاج، وتحسين سلاسل التوزيع والتثمين.

فمنذ توليها المنصب الوزاري، واصلت الدريوش بنفس الزخم تطبيق الرؤية الملكية، مع الحرص على التسريع بإطلاق مشاريع مهيكلة، مثل المساهمة في مشروع ميناء الداخلة الأطلسي، أحد أكبر المشاريع المينائية في إفريقيا، باستثمار يناهز 10 مليارات درهم، والذي يُنتظر أن يشكل قاطرة لتنمية اقتصادية متكاملة في الأقاليم الجنوبية، تشمل الصيد، الصناعة، اللوجستيك والتصدير، بالإضافة لتمكين المملكة من التوفر على 10 أسواق للجملة لبيع الأسماك وبنيات تسويقية متطورة على مستوى الموانئ وقرى الصيد بحيث تعمل مند مدة على تعميم الرقمنة في جميع أسواق البيع الأول والبيع الثاني لتكريس مبدأ شفافية معاملات البيع التجارية.

أرقام دالة على نجاعة التدبير

تعكس المؤشرات الاقتصادية فعالية التدبير الذي تقوده الوزيرة زكية الدريوش في قطاع الصيد البحري، حيث شهد هذا الأخير أداءً استثنائيًا يؤكد نجاعة الرؤية المعتمدة. فقد تم تفريغ 1.42 مليون طن من المنتوجات البحرية، بلغت قيمتها حوالي 16،3 مليار درهم سنة 2024 ، وهو ما يعكس ارتفاع الإنتاج واستقرار منظومة التسويق. وبلغت صادرات القطاع 28،8 مليار درهم سنة 2024 مع تسجيل رقم قياسي سنة 2023 بلغ 31 مليار درهم ، وهو رقم قياسي يُترجم جودة المنتوج المغربي وموقعه المتقدم في الأسواق العالمية، خاصة الأوروبية والآسيوية. كما وفر القطاع أزيد من 264 ألف فرصة عمل مباشرة، حيث ثم تسجيل 4000 منصب شغل مباشر إضافي وحوالي 650 ألف منصب غير مباشر تتركز نسبة مهمة منها في مناطق هشة تعتمد على البحر كمصدر رئيسي للعيش، مما ساهم في تقليص الهشاشة ودعم التنمية المجالية علما أن القطاع يساهم ب 1.1 بالمئة في الناتج الداخلي الخام الوطني.

وعلى مستوى النسيج الصناعي، ارتفع عدد وحدات التصنيع والتحويل إلى أكثر من 531 وحدة نشيطة، يتمركز 35% منها في الأقاليم الجنوبية للمملكة ويبلغ عددها 178 وحدة صناعية تشغل أزيد من 31000 منصب شغل بهذه الأقاليم ، ما يعكس إرادة سياسية واضحة في توزيع الاستثمارات وتعزيز العدالة المجالية في الاستفادة من الثروات البحرية.

تنمية بشرية مرافقة للتنمية الاقتصادية

إدراكًا منها أن الأثر الاجتماعي للتنمية لا يقل أهمية عن الأرقام الاقتصادية، حرصت الوزيرة زكية الدريوش على إرساء سياسة موازية تهتم بالعنصر البشري وتجويد ظروف عمله. فقد تم توسيع التغطية الصحية والاجتماعية لفائدة البحارة والعاملين في القطاع، وهي خطوة نوعية لضمان كرامة واستقرار آلاف الأسر. كما شُرع في تحديث أسواق بيع السمك عبر رقمنتها وتزويدها بأنظمة حديثة للتتبع والتثمين، ما ساعد على تقليص الوسطاء وتحقيق شفافية أكبر في التسويق. ودعمت الوزارة تعاونيات نسائية تعمل في مجال التصبير وتربية الأحياء البحرية، مما مكّن العديد من النساء في الوسط القروي والساحلي من ولوج سوق الشغل وتمكينهن اقتصاديًا. كما أُطلقت برامج مواكبة لفائدة الشباب والمقاولين الصغار عبر توفير التمويل والاستشارة التقنية، وهو ما أعطى دفعة قوية لريادة الأعمال البحرية.

هذه المقاربة المتكاملة بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية جعلت من قطاع الصيد البحري نموذجًا للتنمية المتوازنة التي تستثمر في الإنسان كما في الموارد، وتكرّس فعلًا مبدأ “الثروة للجميع”.

رهان الاستدامة والابتكار

في زمن التغيرات المناخية وتناقص الموارد، لم تغفل الدريوش أهمية البعد البيئي، إذ دعمت جهود المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري لمراقبة المخزونات السمكية وتحديد الكوطا السنوية وفق معايير علمية. كما تم إخضاع أكثر من 96% من الكميات المصطادة لإجراءات الاستدامة، في إطار الحفاظ على ديمومة الثروة السمكية.

كما عززت الوزيرة مشاريع تربية الأحياء البحرية، خصوصًا في سواحل الشمال والجنوب، حيث تم الترخيص لعشرات المشاريع التي تهم تربية القوقعيات والطحالب والأسماك، كبديل مستدام ومربح للصيد التقليدي.

التدبير المستدام في صلب أوليات الوزيرة

ولقد استطاعت زكية الدريوش بفضل صرامتها في تطبيق الإجراءات الخاصة بدعم استدامة الثروة السمكية أن تقوم بإعتماد عدة تدابير منها تطبيق الراحة البيولوجية كلما استدعت المؤشرات العلمية وذلك بهدف منع استهداف صغار الأسماك وتمكينها من التكاثر بالإضافة لاعتماد 30 مخططا لتهيئة المصايد في إطار إرساء أسس الحكامة في مجال التدبير المستدام للمصايد فظلا عن حرصها على تقوية المراقبة من خلال الترسانة القانونية وأيضا الإستثمار الكبير في جانب الآليات والتكنولوجيات والنظم المعلوماتية بحيث يتوفر القطاع اليوم على مركز وطني لمراقبة السفن جد متطور بالإضافة لتنزيل عدة برامج في هذا المجال خصوصا البرنامج الوطني لمراقبة السفن والذي تم تنزيله جهويا عبر 18 مخططا جهويا للمراقبة، ضف إلى ذلك أن جميع السفن بما فيها الأجنبية تتوفر على جهاز الرصد (VMS) وبفضل هذه الإجراءات والتدابير الهامة أصبح المغرب اليوم معترف به دوليا ويلقى إشادة كبيرة من المنظمات الدولية أبرزها “الإيكات” ولجنة مصايد الأسماك الدولية، وهو أيضا ما جعل المغرب اليوم يشغل منصب النائب الأول لرئيس منظمة “الإيكات” في شخص زكية الدريوش ويحصل على شهادة المطابقة في كل سنة من طرف لجنة مصايد الأسماك الدولية كما أن منتجاته معترف بها من طرف الدولة الموردة نظرا لموافاتها للشروط الصحية واستفاءها لمراحل المراقبة.

انفتاح إقليمي ودولي

أدركت الدريوش منذ البداية أن مستقبل القطاع لا يمكن أن ينحصر داخل الحدود، فعملت على تقوية التعاون الدولي، خصوصًا مع الدول الإفريقية، حيث تم توقيع اتفاقيات شراكة وتكوين مع أكثر من 18 دولة، في إطار رؤية جنوب-جنوب تهدف إلى تبادل التجارب ونقل الخبرات المغربية في التدبير البحري المستدام.

تأسيسا على هذا فإن الأداء الوزاري لزكية الدريوش لا ينبني فقط على الخبرة الإدارية، بل على رؤية استراتيجية شاملة ترتكز على التنمية الاقتصادية، العدالة الاجتماعية، والاستدامة البيئية.

لقد برهنت على قدرة حقيقية في الانتقال من موقع التكنوقراط إلى موقع صانع القرار، دون أن تفقد الحس الميداني أو القدرة على الإصغاء للمهنيين والمجتمع.

بذلك، يواصل قطاع الصيد البحري تحت إشراف الوزيرة الدريوش لعب دوره كرافعة مركزية للاقتصاد المغربي، ومصدرًا للفخر الوطني في مجال الحوكمة البحرية والابتكار الأزرق.



Source link

أضف تعليق