دهب
مطعم نرجس
Morocco travel
المركز الدولي للأشعة بطنجة

القصر الكبير… مدينة مهمشة في قلب جهة صاعدة


مؤهلات مهملة وتهميش مستمر يهدد التماسك الترابي بجهة طنجة تطوان الحسيمة

شهد المغرب، خلال العقود الأخيرة، دينامية تنموية لافتة، شملت مختلف جهات المملكة، بفضل إطلاق مشاريع استراتيجية كبرى في مجالات البنية التحتية، والصناعة، والطاقات المتجددة، وتحديث المرافق العامة، ما عزز من جاذبية المملكة على مستوى الاستثمارات الخارجية والاندماج في الاقتصاد العالمي، وحول  مدنا كبرى إلى أقطاب اقتصادية صاعدة.

ورغم ما تحقق من إنجازات تنموية كبرى في مختلف ربوع البلاد، إلا أن مسألة العدالة المجالية لا تزال تطرح نفسها بإلحاح في النقاش العمومي، إذ نجد أن بعض الجهات والمدن تستحوذ على الحصة الكبرى من الاستثمارات، فيما تبقى مناطق أخرى خارج دينامية التقدم، ما يجعل الخطابات الرسمية، التي تتغنى بالعدالة المجالية، تتناقض مع الممارسة الفعلية للجهوية المتقدمة التي ينص عليها الدستور المغربي.

وبجهة طنجة تطوان الحسيمة، تعد مدينة القصر الكبير نموذجا حيا للتفاوتات الصارخة في توزيع ثمار التنمية بين مدن ومناطق الجهة، إذ نجدها تعيش على هامش التنمية الجهوية، رغم موقعها الجغرافي الاستراتيجي (وسط حوض اللوكوس الخصيب)، الذي يؤهلها لتكون قطبا تنمويا لا يقل شأنا عن باقي مدن الجهة، ما يخلف شعورا متزايدا بالإقصاء لدى سكان المدينة وفعالياتها المدنية والسياسية، الذين يشعرون بأن مدينتهم تقصى عمدا من خارطة الأولويات وخطط التنمية الجهوية، وتحرم من فرص النمو والارتقاء الاجتماعي.

وعبر عدد من سكان القصر الكبير عن امتعاضهم من استمرار تهميش المدينة وإقصائها من برامج التنمية الجهوية، وقال أحدهم بمرارة بالغة “هذا التهميش يوحي لك بأن القصر الكبير لا تنتمي للجهة الشمالية، لا تنمية، لا مشاريع، لا فرص الشغل، لا تنشيط ثقافي واقتصادي، فقط نعيش على الوعود التي تتكرر في كل موسم”، فيما قال أحد  الفاعلين الجمعويين بنبرة غاضبة إن “المدينة تعاقب على ماضيها، فكل المؤشرات تؤكد أن هناك إرادة لحرمانها من حقها في التنمية، إذ لا يعقل أن تظل مدينة بوزنها الديموغرافي وتاريخها العريق خارج برامج التنمية الجهوية، وبعيدة عن كل البعد عن الاستثمارات التي تذهب لطنجة ومناطقها المجاورة”.

وذهب أحد المنتخبين المحليين إلى أبعد من ذلك، مشيرا إلى أن المدينة تدفع ثمن سوء التوزيع المجالي وغياب إرادة حقيقية لدى مسؤولي الجهة لنهوض بأوضاعها، مبرزا بقوله “إن المجالس البلدية تقوم بدورها في تأهيل البنية التحتية في حدود اختصاصاتها، لكن الخصاص الحقيقي يكمن في غياب الدعم الجهوي والمركزي، عبر جلب استثمارات ومشاريع استراتيجية الكبرى من شأنها  النهوض بالمدينة والمساهمة في إنعاش فرص الشغل اللائق لجميع الفئات الاجتماعية الهشة في المجالين الحضري والقروي.

وأوضح المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، أن تجاوز هذا الوضع الشاذ يتطلب “إرادة سياسية واضحة، وتغييرا في منهجية إعداد البرامج الجهوية، لتصبح أكثر إنصافا للمناطق المهمشة، ومنها القصر الكبير”، داعيا إلى ضرورة منح المدينة موقعها المستحق ضمن أولويات التنمية، عبر توجيه استثمارات نوعية تضمن العيش الكريم لسكانها، وتعيد الاعتبار لتاريخها ومؤهلاتها.

من جهته، استحضر عبد الحق الإدريسي، وهو استاذ وخبير في تدبير الشأن الجهوي، الفجوة الصارخة بين الخطاب الرسمي والممارسة الفعلية، وركز على تصريحات رئيس مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة، الذي أكد في عدة مناسبات رسمية أن إعداد برنامج التنمية الجهوية وتوزيع الثروات تتم في إطار تشاركي مع مختلف المتدخلين الجهويين، وهو عكس ما يتم تسجيله على أرض الواقع، مبرزا أن ما تعيشه القصر الكبير يكشف عن غياب هذا التنسيق المزعوم، ويظهر أن منطق المركز لا يزال مهيمنا في عقلية توزيع المشاريع.

وقال الإدريسي إن “تحقيق العدالة المجالية لا يمكن أن يتم إلا عبر مراجعة شاملة لطرق توزيع الاستثمارات داخل الجهة، بعيدا عن منطق المركز والأطراف، إذ لا يمكن تجاوز الفوارق التنموية إلا بترجمة خطاب العدالة المجالية إلى أفعال ملموسة، وتوزيع المشاريع والاستثمارات بطريقة عادلة بإشراك السكان والمنتخبين والمجتمع المدني.

المختار الرمشي (الصباح)



Source link

أضف تعليق