قناة طنجة الكبرى / و م ع
انطلقت اليوم الجمعة بمدينة طنجة ندوة دولية تنظمها وزارة الصحة، بشراكة مع مجموعة “بومبيدو” التابعة للمجلس الأوروبي، حول العلاج الاستبدالي للإدمان بالميتادون في المغرب.
وتهدف الندوة، المنظمة بمناسبة تخليد الذكرى العاشرة لإدخال العلاج الاستبدالي بالميتادون للمغرب، إلى تقاسم تجارب المغرب والبلدان الأعضاء في شبكة “ميدنيت”، المكونة من حوالي 40 بلدا من ضفتي المتوسط والجوار الأوروبي، في مجال العلاج الاستبدالي، كما تشكل فرصة للتفكير في المعيقات الأساسية والرهانات التي تعترض هذا النوع من البرامج.
وتندرج الندوة، التي يشارك في فعالياتها حوالي 60 خبيرا، ضمن مخطط العمل لتبادل التجارب والدعم بين البلدان الأعضاء في الشبكة، وينتظر أن تساهم خلاصاتها التقنية والاستراتيجية في ضمان استمرار العلاج الاستبدالي، خاصة في ظرفية تتميز بمحدودية الموارد المالية الدولية من جهة، وتحقيق أهداف الأمم المتحدة المتعلقة بداء فقدان المناعة المكتسب.
وقال وزير الصحة، السيد أناس الدكالي، في كلمة تليت نيابة عنه، إن البرنامج الوطني لخفض المخاطر لدى مستعملي المخدرات عبر الحقن يمثل “أحد النجاحات في مجال التعاون بين القطاعات وبين الشركاء الوطنيين المعنيين”، مضيفا أن تجربة المغرب في المجال يمكن أن “تشكل نموذجا في إطار التعاون جنوب – جنوب بالنسبة للبلدان المماثلة أو مع بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث نقترح مواكبتهم في هذه المعركة الطويلة الأمد”.
في هذا الصدد، أوضح أن الالتزام الرفيع المستوى للمغرب، مكن من إنجاح المشاريع التي أطلقت منذ عام 2008 في إطار شراكة بين وزارتي الصحة والداخلية ومؤسسة محمد الخامس للتضامن، حيث تم إحداث عدد من المراكز المتنقلة لمكافحة الإدمان، والتي مكنت من التكفل ب 27 ألفا و 800 شخصا يعانون من اضطرابات تعاطي المخدرات، ما زال 6700 من بينهم يستفيدون من المتابعة، و 1660 شخصا تم التكفل بهم ضمن برنامج العلاج بالميتادون.
وأكد السيد الدكالي على أن الاستراتيجية الوطنية 2018 -2022 تروم تعزيز هذه المكتسبات وأيضا تطوير ردود أكثر تنوعا وملاءمة مع حاجات الأشخاص الأكثر عرضة، وفق مقاربة تحترم النوع الاجتماعي وحقوق الانسان، ومن خلال التعاون مع الفاعلين الوطنيين والدوليين، والذي يعتبر من المحاور الأساسية في هذه الاستراتيجية، موضحا في هذا الصدد أن دور المرصد المغربي للمخدرات والإدمان يعتبر “أساسيا” لتحسين فهم هذه الظاهرة واتجاهاتها والمساعدة على اتخاذ القرار.
بالمغرب، أضاف الوزير، بلغ معدل انتشار تعاطي المخدرات خلال الأشهر الاثنتي عشرة الماضية 4,1 في المائة في صفوف السكان الذين تتجاوز أعمارهم 15 سنة، أي ما يعادل 800 ألف شخص، مبرزا هيمنة تعاطي القنب الهندي (3,93 في المائة)، تليه المواد المهدئة (0,18 في المائة)، واستهلاك الكوكايين (0,02 في المائة) والهيروين (0,05 في المائة)، مشددا على أن استهلاك المخدرات عبر الحقن يزيد من احتمال الإصابة بالأمراض المعدية، خاصة فيروس فقدان المناعة المكتسب والالتهاب الكبدي سي.
وحذر الوزير من أن التمييز وانتهاك حقوق متعاطي المخدرات يحد من إقبالهم على طلب المساعدة، ما يؤدي إلى تفاقم المخاطر الصحية، لاسيما انتشار الأمراض المعدية، داعيا في هذا الصدد إلى ضرورة العمل على وضع “مقاربة للصحة العمومية متعددة القطاعات وشاملة”، من شأنها اتخاذ إجراءات فعالة في مجال الوقاية الأولية، لاسيما حماية الأطفال والشباب والحد من انتشار الاضطرابات المرتبطة باستهلاك المخدرات، وتأهيل وإعادة إدماج المتعاطين، وتقديم العلاج والتكفل بحاملي الأمراض المعدية.
من جانبه، اعتبر دوني أوبير، الكاتب التنفيذي لمجموعة بومبيدو، أن هذه الندوة تشكل مناسبة لاستعراض التجربة المغربية في المجال بعد 10 سنوات من إدخال العلاج الاستبدالي، موضحا أنه كتقييم أولي “يمكن القول أن ما أنجزه المغرب يعتبر نجاحا ويستجيب للمعايير التي وضعها المجلس الأوروبي”.
وأضاف أن تمويل هذا النوع من العلاجات يعتبر من “التحديات التي تعترض المغرب، وأيضا باقي البلدان الأوروبية”، مبرزا أن مجموعة بومبيدو، التي تضم حوالي 40 دولة، تشارك في الندوة ل “بحث وضع الإجراءات الضرورية للاستجابة لهذه التحديات”.
من جانبه، أشار البروفيسور جلال التوفيق، ممثل المغرب في شبكة “ميدنيت”، أن “المغرب كان من البلدان الرائدة في اعتماد العلاجات الاستبدالية منذ عام 2009، خاصة بالنسبة لمتعاطي الهروين”، معتبرا أن المغرب “راكم تجربة رائدة تؤهله ليشكل نموذجا وقدوة بالنسبة لدول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”.