طنجة / رشيد عبود
بالرغم من أن قطاع سيارة الإسعاف الخاصة بالمغرب قد عرف خلال السنوات الأخيرة طفرة نوعية غير مسبوقة بدخول شركات خاصة مهيكلة إلى حيز الوجود من أجل تخفيف العبء على ميزانية الجماعة ولتعزيز القطاع الصحي والحد من الوفيات عن طريق تحسين جودة خدمات الإنجاد والإسعاف، إلا أن هذا القطاع ورغم تفويت جزء منه لخواص لهم من الخبرة والتجهيزات ما يكفي لتعزيز القطاع الصحي والاستجابة لمتطلبات المرضى وأسرهم، فإنه رغم كل هذا، مازال يعاني الكثير من المشاكل بسبب المنافسة الغير الشريفة لسيارات لا تتوفر في غالب الأحيان على التجهيزات الضرورية مما يضر بمصلحة المواطنين وسمعة القطاع على السواء. فالمتتبع لأساطيل سيارات الإسعاف بطنجة، يجد أن أغلبيتها لا تتوفر على الرخصة الضرورية، كما أن معظمها يؤدي مهمات خارج مهماته الأصلية في ضرب صارخ لمبدأ جودة الخدمات، حيث دأبت بعض سيارات نقل الأموات بعاصمة البوغاز في ظل غياب أي مراقبة صارمة من قبل السلطات المعنية، المصالح الجماعية المختصة على نقل المرضى والمصابين في نفس الوقت بالرغم من خطورة المسألة، حيث أن جثة الأموات في الغالب ما تفرز إفرازات تكون لها تداعيات خطيرة على صحة المريض الذي يتم نقله بسيارة مخصصة لنقل الأموات، كما أن غالبية هذه السيارات لا تخضع للصيانة والتطهير الضروريين بصفة دورية، ودون الالتزام بشروط ونوعية رخص الاستغلال، ذلك أن غالبية المشرفين عليها لا يهمهم من الأمر سوى الاحتيال على الزبناء دون التفكير في جودة الخدمات المقدمة، حيث يصل ثمن خدمات نقل المرضى داخل المدينة في المتوسط بين ما بين 300 إلى 400 درهم بدون تسليم أي وصل، ومن دون أن تتدخل المصالح المختصة في تحديد تسعيرة محددة وفق قرار جماعي أو عاملي صريح لخدمات هذه الشركات التي تتميز بالفوضى والعشوائية، هذا بالإضافة إلى أن غالبية العاملون بهذه السيارات لا يتوفرون على أي تأهيل أو تكوين تقني أو عملي خاص في مجال التمريض الأولي والإسعافات الضرورية للتعامل سواء مع المرضى أو مع الجثث الهامدة.
الجمعيات وغياب المحاور
في أكثر من مناسبة ومن دون أن تتوصل بأي رد رسمي (مع التعليل) طبقا لقانون المراسلات الإدارية، طالبت الجمعية المغربية لشركات سيارات الإسعاف والإنجاد بطنجة بأن تتواصل مع من يهمهم الأمر، بخصوص الضوابط الواجب الالتزام بها والمتعلقة بتنظيم هذا مرفق محليا، خصوصا تلك المتعلقة بعدم التزام بعض الشركات العاملة في الميدان بتطبيق ما ورد في الرسالة الصادرة عن رئيس الجماعة الحضرية لطنجة عدد 97/12 طبقا للمادة 50 من قانون الميثاق الجماعي – تتوفر الجريدة على نسخة منها – والتي تمنع منعا كليا استعمال سيارة الإسعاف الواحدة في نقل المرضى والموتى في نفس الوقت، منع كراء الرخص، ضرورة أن تكون الرخصة مطابقة للورقة الرمادية لسيارات الإسعاف، ضرورة توفر سيارات الإسعاف على الشروط الموضوعية والتقنية ذات جودة عالية وموحدة، ضرورة أن تكون سيارات نقل الموتى موحدة اللون الأبيض مع كتابة كلمة لا إله إلا الله عليها …الشيء الذي تقول عنه الجمعية بأنه لا يطبق بشكل صارم و جدي على أرض الواقع من طرف لجان التتبع، بسبب ضعف المراقبة، وبسبب تغييب المصالح الجماعية المعنية للشركاء العاملين في الميدان وإقصائهم من لعب أي دور حقيقي وفعال في تنمية هذا القطاع الهام. إلى ذلك، تتهم جهات عاملة بالقطاع، المصالح الجماعية بمنح عدد كبير من الرخص مؤخرا دون التزام أصحابها بدفتر التحملات المعمول به ودون تجربة في الميدان أو التقيد بشروط العمل في القطاع ومن بينها التوفر على أسطول محترم من سيارات الإسعاف بما يتماشى وجودة الخدمات الواجب تقديمها للمواطنين، الشيء الذي قد يسيء للقطاع والعاملين به آنيا ومستقبلا. هذا في الوقت الذي تتحدث فيه جهات أخرى معنية عن أن أي رغبة أو محاولة في تحريك هذا الملف الكبير (الراكد) سيصطدم في الفترة الحالية بمصالح لوبيات الفساد من الذين يستفيدون من استمرار الفوضى المستشرية في القطاع وليست له أي رغبة في تقنين استغلاله، خصوصا في ظل عجز المصالح الجماعية المختصة في التدخل الإيجابي من أجل تفعيل هذا التقنين .
ضعف كبير في خدمات
في ظل عدم تدخل الدولة عن طريق الجماعة الحضرية بطنجة بالنسبة لمستودع الأموات البلدي، ومندوبية وزارة الصحة العمومية لطنجة أصيلة على مستوى المستشفيات المحلية والمراكز الصحية الحضرية والقروية، يضطر المواطن البسيط إلى الارتماء كرها أو طواعية في أحضان الشركات الخاصة المتخصصة في نقل المرضى والموتى، من أجل الاستفادة من خدماتهم، و إن لم تكن هذه الخدمات التي تفوق بكثير القدرة الشرائية لبعض الشرائح الاجتماعية دائما في المستوى المطلوب. إذ لا يعقل أن يتوفر مستودع الأموات البلدي بطنجة الذي يقدم خدماته لمدينة كبيرة يتجاوز تعداد ساكنتها المليون ونصف نسمة، إلا على سيارتين فقط لنقل الموتى إحداهما في حالة عطب دائم، ولا تتوفر على أدنى شروط السلامة العامة، أما المركز الاستشفائي محمد الخامس فلا يتوفر بدوره إلا على سيارتين يتيمتين للإسعاف واحدة تستخدم إقليميا لنقل المرضى بين المستشفيات، و ثانية خصصتها المندوبية الإقليمية للصحة العمومية لنقل المرضى والمصابين إلى مستشفيات العاصمة الرباط، في حين لا يتوفر مستشفى محمد السادس الإقليمي على أي سيارة إسعاف خاصة به رغم توفره على ثلاث مركبات جراحية وقاعة لعمليات الولادة القيصرية، وذلك في ظل الحديث عن تحمل أهالي المرضى والمصابين بتكاليف التنقل المتعلقة بمصاريف البنزين والطريق السيار بسبب ضعف الإعتمادات المالية المخصصة لتنقل هذه السيارات خارج الإقليم، حيث لم يستثنى من دفع هذه المصاريف (الغير قانونية) حتى المتوفرون على بطاقة (رميد).